المـــاء



قال الله تعالى:"وجعلنا من الماء كل شي حي" فأساس ومبعث الحياة في الأرض هو الماء، وهو مورد طبيعي متجدد لم يملكه الله لأحد لشدة حاجة الإنسان إليه، فالمدة التي يمكن إن يحتملها الإنسان بدون المياه لا تتعدي 72 ساعة صيفا، وقد تتعداها إلى 96 ساعة شتاء.
والمتأمل لعلاقة الإنسان مع الموارد الطبيعية بشكل عام والماء على وجه الخصوص، يجدها علاقة غير سوية،فالسمة السائدة للاستهلاك المائي تتسم بالإسراف والإهدار، بل وتعدى ذلك إلى التلويث!!!
ولماذا لم يسأل الإنسان ويحاسب نفسه، عن هذا السلوك غير القويم في تعامله اليومي مع الماء والذي بلغ حد الإسراف وتعداه إلى التلويث، بالرغم من إن الماء صانع للحياة والتي هي مسخرة للإنسان ورفاهية في الأرض، هل هذا يقع في دائرة الغفلة آم عدم المبالاة أم الرغبة والتي لا ندرك عواقبها ألا بعد فوات الأوان.
أن ديننا الحنيف بأمرنا بالاعتدال والتوسط مصداقا لقوله تعالى:“وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهداء“، وقال تعالى:“ولا تجعل يدك مغلولة إلي عنفك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا“، كما نهانا أيضا من التبذير مصداقا لقوله تعالى:“أن المبذرين كانوا أخوان الشياطين وكان الشيطان لربة كفورا“.ولنا في رسول الله صلى الله علية وسلم أسوة حسنة، فقد كان يتوضأ بملء كفيه من الماء، أين نحن وهذه السلوكيات الرشيدة، فيا أخي الإنسان نحاول إن نربي أنفسنا ونعلم أولادنا احترام مواردنا البيئية والطبيعية وعلى رأسها الماء قبل أن يأتي علينا يوم  نتسول فيه الماء فلا نجده.

يتزايد سكان العالم سنويا بمقدار 85 مليون نسمه، وقد بلغ سكان العالم الآن 6,35 مليارات نسمة((2004))،وكما هو معروف فإن كميات المياه في الأرض ثابتة تخضع لدوره مائية معروفة، ومع التزايد السكاني العالمي وبخاصة في الدول النامية 90% من سكان العالم فقد انخفض نصيب الفرد من 14 ألف متر مكعب سنويا في أوائل السبعينيات إلى 5000 متر مكعب الآن، في حين أن ضروريات الفرد من المياه يقدرها البعض بما يتراوح بين 10- 14 ألف متر مكعب سنويا، وحقيقة المشكلة ترجع إلى سوء توزيع كميات المياه في العالم حيث تقدر بعض المصادر احتياجات السكان من المياه في العالم حاليا ب19ألف كيلومتر مكعب سنويا، والمتاح فيها في كل العالم حوالي ضعف هذه الكميه 37 ألف كيلومتر مكعب، فأين تذهب الكميات المهدرة من المياه أن نهر الكونغو في غرب أفريقيا يلقي بأكثر من مائة مليار متر مكعب سنويا من مياه المحيط الأطلنطي، كما يضيع من أدغال وسط أفريقيا ما يزيد على 50 مليار متر مكعب أخرى، وفي جنوب السودان يضيع 19 مليار متر مكعب عن طريقة التبخر وفي المستنقعات، وكان يمكن لقناة جونجلي أن توفر هذه الكميات والذي تعطل العمل فيها بسبب ما يحدث في جنوب السودان، هذه أمثله فقط من أفريقيا، أين كميات المياه المهدرة في حوض الأمازون بأمريكا الجنوبية، وفي جنوب شرق آسيا . كما يتنبأ البعض فإن الصراع العالمي في السنوات القادمة سيكون من أجل المياه ومحاولات الحصول عليه، وخاصة في الأقاليم الجافة وشبه الجافة، والتي تعاني من عجز واضح في المياه، والمنطقة الأولى المرشحة لصراع المياه هي الشرق الأوسط، والمحطة الأولى لهذا الصراع هي دول حوض النيل وبلاد الشام والعراق وتركيا وإيران، والذي بدت بواكيره الأولى من خلال التقارب الاسرائيلي التركي من ناحية، ومحاولات تركيا بناء سدود على الأنهار المشتركة مع الدول المجاورة، وقيام أثيوبيا وكينيا وتنزانيا بمحاولات لتقليص حقوق مصر التاريخية في مياه النيل. ونظرا لنقص المياه في منطقة شبه الجزيرة العربية، فقد اتجهت إلى تحلية مياه البحر، وذلك لمواجهة تزايد الطلب على المياه بعد أن أتضح أن مياهها الجوفية غير قادرة على الوفاء بسد احتياجات سكانها من المياه. ونقص نصيب الفرد من المياه سوف يؤثر بدوره على التوسع والتنمية الزراعية، والذي سوف يؤثر بدوره على عدم توافر الكميات اللازمة من الغذاء لسد حاجة السكان، وهى مجموعة من الأسباب التي يؤدي أحدها إلى الآخر في شكل منظومة تؤثر في النهاية على حياة الإنسان وعلاقته بالبيئة بالسلب. وأمام توقعات تناقص نصيب الفرد من المياه وسوء توزيعها علينا أن ندعو لعدد من التدابير في هذا الشأن، وهي على النحو التالي:-
1.تطبيق أنظمه جديدة للري في المناطق الجافة ، بما يتفق وقلة المياه ، ومنها طرق الري بالرش والتنقيط .    
2.عدم الإسراف في الاستخدام الشخصي للمياه ، وبخاصة في الأماكن العامة مثل المساجد والحدائق العامة .
3.التعاون الدولي في هذا المجال من خلال توجيه مشروعات التنمية نحو المحافظة على موارد المياه