قصة : موهبتي أيقظتني و عائلتي من كابوس الفقر

عنوان القصة: موهبتي أيقظتني و عائلتي من كابوس الفقر.
الكاتبة: فاطمة عبدالله سالم البريكية.

يحكى أن فتاة تدعى فاطمة تمتلك موهبة رائعة و هي الرسم؛ فقد قامت بطلاء حائط منزلها بمفردها و بأجمل الألوان ، ورغم أنها كانت تنتمي إلى أسرة فقيرة إلا أنها كانت فتاة مجتهدة و مجيدة في دراستها
و في إحدى الأيام الدراسية فوجئت الطالبات بوجود مسابقة  لرسم اللوحات عندما حضرت المعلمة وقالت لهن : سوف نقيم بإذن الله مسابقة بعنوان ( أفضل لوحة ) ، ومن ترسم اللوحة الأجمل ستكون الفائزة و جائزتها هي أن تعلق لوحتها في متحف البلدة ، و كذلك ستحظى بجائزة مالية كبرى ، هيا يا طالباتي المبدعات فأمامكن شهر كامل لإنجاز هذه اللوحات. أتمنى من كل واحدة منكن أن تقدم أفضل ما لديها.
و في تلك الأثناء دار حوار حول الطالبات في الفصل ، فقالت وعد و هي متحمسة: إن فاطمة رسامة موهوبة ؛ لذلك أقترح عليها أن تشارك في هذه المسابقة؛ لتحصل على الجائزة المالية ؛ فهي في أمس الحاجة إلى المال ، فأجابتها شهد مؤيدة لاقتراحها: صدقتِ القول يا وعد؛ فإذا شاركت فاطمة في هذه المسابقة فمن المؤكد أنها ستفوز و بذلك ستعين أسرتها بمبلغ المال الذي ستربحه ، كما أنها ستحظى بالشهرة و ستعلق لوحتها في المتحف الكبير للبلدة ، و من لا يحلم بذلك؟!
بدأت الطالبات برسم لوحاتهن و ابتكرن أجمل التصاميم ، وكل واحدة منهن تعتقد أنها الأفضل إلا فاطمة فقد كانت محتارة ، فهي لم تقرر بعد ماذا سترسم فأخذت تتساءل في نفسها قائلة : يا إلهي إنني في حيرة من أمري . ترى ماذا سأرسم؟ هل أرسم السماء الصافية أم أرسم بحراً واسعاً أم أرنب جميل أم ماذا؟ آه كم أنا محتارة فأنا  أودُّ حقاً أن أفوز في هذه المسابقة لكي أربح الجائزة و اقدمها لوالديّ. و بينما كانت منهمكة في التفكير نامت وهي جالسة على كرسيها أمام أكوام من الورق الموجود على طاولتها ، و في تلك الأثناء حلمت فاطمة حلماً جميلاً ؛ فقد رأت نفسها تمشي في بستان أخضر مليء بأنواع الزهور و الزنابق الجميلة ، و رأت أعدادا كبيرة من الفراشات الرائعة و الطيور الملونة المحلقة في السماء الزرقاء الصافية ، و توغّلت في حدائق البستان فإذا بها ترى نهراً عجيباً يُماثل اللؤلؤ في نقائه و صفائه ، وترسوا عليه  قوارب صغيرة زاهية الألوان . و أخيراً استيقظت فاطمة من غفوتها متلهفة للرسم ، و قالت و هي في سعادة غامرة : آه يا له من حلمٍ جميل ، كم أنا متلهّفة لرسم كلِّ ما رأيته في هذا الحلم .
و في يوم تسليم اللوحات اجتمعت الطالبات في باحة المدرسة ، وبدأت كل منهن في وصف لوحتها.
قالت وعد : لقد رسمت منظر غروب الشمس ، و قالت  شهد : أما أنا فقد رسمت غابة تملؤها الحيوانات .
سألت الطالبات فاطمة عن رسمتها ولكن لم يتسنّى لها أن تتحدث عن لوحتها؛ بسبب قدوم المعلمة. سألت المعلمة طالباتها أن يتقدّمن و يسلّمن لوحاتهن ـ الواحدة تلوَ الأخرى ـ و أخذت تُمعن النظر إلى جميع اللوحات فأُعجبت بها جميعا ، إلا أن لوحة مميزة أعجبتها أكثر عن الأخريات فقررت أن تكون صاحبتها هي الفائزة.
المعلمة: لقد شاهدتُ جميع اللوحات ، و لا أُنكر أنني أُعجبت بها جميعها ولكنني أُذهلتُ بلوحة تميزت بالإبداع وكانت في منتهى الرّوعة و الإتقان ، إنها لوحة فاطمة صفقوا لها جميعا.
صفقت الطالبات بحرارة لفاطمة و أخذت كلٌّ منهن تُهنئها على فوزها بالجائزة.
قالت شهد بسرور : مباركٌ لكِ يا فاطمة ، لقد كنتُ متأكدة من أنكِ ستفوزين.
و قالت وعد مُهنّئة: أنتي فعلا رسامة موهوبة يا فاطمة ، سيفرح بكِ والداكِ كثيراً.
فردّت عليهنَّ فاطمة و هي مغمورةٌ بالسعادةِ: شكراً لكنَّ جميعاً ، أنا حقا سعيدة ؛لأنني أمتلك هذه الموهبة  الجميلة و سأواظب على ممارستها و تطويرها لكي يُسعد بي والداي.
استلمت فاطمة الجائزة المالية ، وقامت بإهدائها لوالديها فدمعت عيناهما فرحا لذلك ، وبذلك أصبحت موهبة فاطمة محور حديث كل من في القرية . و أخيرا نقول :"ربَ موهبة بسيطة أنقذت صاحبها من الفقر"، فمنذ  ذلك اليوم صارت فاطمة رسامة مشهورة تنفق المال على أسرتها فأخرجتهم من حال البؤس التي كانوا فيها.